إهداء
إلى جيل الصحوة الذي صبر وصابر لتعلوا كلمة الله
إلى كل حسان في الأمة يشد من أزرها ويرفع ذكرها
إلى كل أنجشة في الأمة يخاطب الفِطَر والعقول ويدلها على الله
إلى رواد الإنشاد الإسلامي في بلاد العالم الإسلامي
إلى مجلس أمناء رابطة الفن الإسلامي العالمية
إلى كل الفرق الإنشادية والمؤسسات الفنية والمنشدين المتألقين
إلى كل عالم وفقيه وداعية رجالاً ونساء يشاركون هموم أمتهم
لهم جميعاً هذه الرسالة
علي بن حمزة العمري
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على المبعوث رحمة للعالمين وسيد ولد آدم أجمعين، نبينا محمد وعلى آله وصحبة أجمعين، وبعد:
فإن الأمة الإسلامية اليوم تمر بمنعطف وتآمر خطير، يُراد منه أن تختفي كلمة الإسلام، وتشوّه صورة العاملين له؛ لتغيبَ الهوية الإسلامية، وتحلَّ مكانها العلمانية الشمولية أو الجزئية على تعبير الأستاذ عبدالوهاب المسيري.
ولأن الكلمة الأولى اليوم للإعلام، فإن هذا الانعطاف اتكأ على هذا المنحى بشكل كبير، واستجاب له وللأسف فئة من تجار المسلمين فبهرتهم المادة، وخدعتهم أنفسهم، ثم زادهم خداعاً المسوقون الفاتنون من بلاد العرب المختلفة!!
ولأن الفطرة السوية تأبى الغثائيةَ التي تمزقُ شملَ النفس، وتسترقُّها للشيطان، وتُغَيِّبُ المجتمع، وتُذل الأفراد، داخل البيوت، والمؤسسات، والشارع العام أدرك الغيورون على الفن الإسلامي ما يحاك حولهم، وما يُراد منهم، فتاقت نفوسهم للفضيلة؛ ليضعوا يدهم في يد العاملين للفن الإسلامي الراقي؛ ليسهموا جميعاً في نهضةٍ شاملةٍ ترعى احتياجات النفس البشرية، وتحفظ مكانة الأمة الإسلامية.
ولَئِن كان الفقه الإسلامي لم يضقْ ذرعاً بمناقشة كلِّ المسائل والمستجدات الفرعية، التي تحفظ للفقه الإسلامي مكانته ودوره، فإني لم أجد غضاضة في طرح كل فرعية تتعلق بهذا الموضوع الشائق المؤثر المعاصر للبحث الفقهي المؤصل.
• الكتاب الأول:
ولعل هذا الكتاب -فيما أعلم- هو أول كتاب مؤصَّل حول مسألة النشيد الإسلامي خصوصاً ومسائل مهمة في الفن عموماً.
ويأتي هذا الكتاب ليناقش ولأول مرة أهم الأطروحات المعاصرة للنشيد الإسلامي مناقشة شرعية، مع وعي وإلمام بما يجري في الساحة، وهذا من فضل الله أولاً وآخراً.
وسيرى القارئ الإجابات لأكثر وأهم الأسئلة في موضوع النشيد الإسلامي خصوصاً، وما يدخل في دائرته من العمل الفني الإسلامي عموماً.
وهذا الكتاب يعتبر - بفضل الله- نموذجاً لما أحلم به ويحلم به غيري، وما أسعى لتبنِّيه، من تأصيل شرعي، مع إلمام ووعي لوسائل العمل الإسلامي المعاصر، خصوصاً ما يتعلق بالفن.
وقبل الختام أتقدم بالشكر الجزيل بعد شكر الله تعالى لإخواني الأفاضل الذين اقتبس من أفكارهم وتوجيهاتهم النافعة ما ينفعنا في هذه المسيرة، وممن كانت له بصمات وإضافات وإرشادات في هذا الكتاب، وأخص بالذكر منهم: الأستاذ الفاضل سليم عبدالقادر، والإخوة عمالقة الإنشاد من مؤسسي وأعضاء الرابطة، وفي مقدمتهم إخواني: أبو الجود، أبو راتب، أسامة الصافي، سمير البشيري. نفع الله بهم جميعاً.
كما أشكر كلاً من سماحة العلامة الشيخ: عبدالله بن بيه، الذي استمع إلى خلاصةٍ للفصل الفقهي من هذا الكتاب وعقب بعدئذ أثناء المؤتمر العلمي الأول لرابطة الفن الإسلامي العالمية الذي انعقد بمدينة جدة يوم الخميس8/1/1426هـ.
والشكر موصول لأخي الشيخ المحدث: عبدالله بن يوسف الجديع، الذي استفدت من حواري معه عبر الهاتف والإنترنت ولقائي به في المجلس الأوروبي للبحوث والإفتاء، وخاصةً بعض النصوص التي نقلت من حكمه عليها.
وختاماً: آمل من الله جلّت قدرته أن أكون قد وفقت في هذا الكتاب للإجابة عن كل أو جل الأسئلة المطروحة في موضوع الكتاب، وأن أوفق وكافة الإخوة العاملين والمشاركين والأعضاء في رابطة الفن الإسلامي العالمية للوصول للغايات المنشودة المؤثرة في مجتمعنا.
راجياً من كل قارئ كريم أن يتحفنا بآرائه وملحوظاته القيمة، وأن لا ينسانا من صالح دعائه.
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
كلمة تمهيدية حول مصطلح "النشيد الإسلامي":
من بشائر الخير والتوفيق التفات العلماء والمفكرين لأهمية الفن الهادف في هذا الزمن المعاصر في تثبيت هوية الأمة. وتوجيه بعضهم بضرورة الانخراط المهني في المجال الفني مع مراعاة الضوابط. وذلك لمِا رأوه من تأثير بالغ، وحراك شعبي كبير نحو قضايا الأمة الكبرى على وجه التحديد، من خلال أدوار العمل الفني الإسلامي.
وفي خضم هذا التفاعل الظاهر أحياناً والخفي أحياناً أخرى، بدأت بعض الكتابات والملتقيات حول الاهتمام والاحتفاء وا اية بمدرسة الفن الهادف، بعد أن غُيبت حقبة طويلة من الزمن!
ولا يزال تأصيل العمل الفني الهادف في بدايته، إلا أنه من الخوف عليه تجاذبت أطرافٌ عدة الكلامَ حول مفهوم هذه النهضة الفنية الإسلامية، وكيفية تحريكها بين الناس، ومدى محافظتها على هويتها وتمسكها بثوابتها.
ومبحث الفن الإسلامي كبير، إلا أن رسالتنا هذه تخص الحديث حول "النشيد الإسلامي"، ولعل الحديث عنه، هو عين ما يمكن ذكره في بقية المصطلحات الفنية الأخرى.
ومما يجب أن نستوعبه في مثل هذا المقام أن الحديث عن المصطلحات ليس أمراً عبثاً، خاصة أننا في أول الطريق لتأصيل عمل الفن الإسلامي أو الهادف. وحتى يضمن استمراريته وفق الصورة المأمولة منه إن شاء الله تعالى.
المبحث الأول: مصطلحات تتعلق بالفن.
مصطلح "الفن":
لكلمة الفن دلالات عدّة في اللغة، يحسن العودة إليها في لسان العرب، والتي فيها ما يُطلق على الألوان والأنواع المختلفة. وعلى هذا المعنى ألّف ابن عبد ربه كتابه الشهير "الفنون".
وفي اللغة يُقال: رجل "مِفَنٌّ": يأتي بالعجائب، وذو فنون من الكلام.
واسْتُخدمتْ كلمة الفن اليوم في الألوان والأنواع المختلفة من الكلمات والمشاهد والعروض، ولغلبة غاياتها صارت عنواناً مباشراً لها.
إذاً الأصل في كلمة "الفن" أنه لا حرج فيها لغوياً، إلا أن هذا المدلول ارتبط في الأذهان بالصور السلبية، التي غطت في حقبة مضت على كل شيء آخر، إن وجد هذا الآخر!
مصطلح "الفن الإسلامي":
نتيجة لارتباط مصطلح "الفن" بالصورة السلبية، رأى بعض العلماء والمفكرين المسلمين تغيير هذه الصورة من الأذهان، وفي الوقت نفسه تأصيل دور الفن بالصورة التي يرتضيها الإسلام.
ولعل أول من أصَّل لهذه المسالة في كتاب كبير وشامل هو العلامة الشيخ: محمد قطب، في كتابه الشهير "منهج الفن الإسلامي"، فهو يرى أن أكثر الناس بحاجة إلى معرفة أن الإسلام كلمة ورسالة، واستقلالية وخصوصية، وشمولية فيما يَعْرِضُ لهم.
فإضافة لفظ "إسلامي" أي: فن يوافق عليه الإسلام. وهو معنى تأصيلي جيد، ورأي سديد.
مصطلح "الفن الملتزم":
لما بدأ الاهتمام بشكل بدائي ببعض الأعمال الفنية، لاحظ بعض العلماء والمفكرين أن الفن الذي أطلق عليه "الفن الإسلامي" أي: الذي يوافق عليه الإسلام لا ينطبق على تلك الأعمال الفنية التي تظهر فيها صورة بعض الفنانين أو المنشدين في خارج ساحة الفن. فهم في المسرح والاستديو يقدمون الفن الجيد، ولكنهم في خارجه صورةً أخرى!
فتم اقتراح مصطلح "الفن الملتزم" وهو مأخوذ من العبارة الدارجة عن الإنسان المحافظ على قيم دينه الشرعي بمسمى "ملتزم".
"فالفن الملتزم" يعني إذاً: الفن الذي يوافق عليه الإسلام، ويؤديه الملتزمون بمنهج الإسلام أثناء العمل وبعده. وبالتالي لا يقع الخلل والإضطراب لدى الناس بين روعة العمل الفني الإسلامي من قبل هؤلاء الفنانين وبين سلوكياتهم العامة ومعاملاتهم الظاهرة المعلنة المخالفة للإسلام.
وهذه التسمية جيدةٌ ضمن هذا السياق، إلا أنه في تقديري أننا بحاجة إلى مسمى أشمل وأوضح وأسهل، يخدم الإسلام من قبل المهتمين به، مع التمسك بقيمه كاملة.
مصطلح "الفن الهادف":
نظراً لاختلاف الآراء الفقهية المعاصرة في بعض المسائل مثل: كشف وجه المرأة، وأداء بعض الأدوار الفنية لها، ومسألة استخدام بعض الآلات في الأعمال الدرامية، أو المشاهد البطولية، رأى بعض العلماء والمفكرين وصف كل عمل فني يخدم الإسلام والمسلمين بعيداً عن المحاذير المتفق عليها بأنه فن هادف، وهذه تسمية حسنة.
والذي أراه للتعبير عن المصطلح الفني المطلوب: أن يُقبل مصطلحا "الفن الإسلامي" و"الفن الهادف".
أما قبول "الفن الإسلامي" فكي يقتنع الناس الذين تم إقناعهم فترة من الزمن أنه لا يوجد بديل إسلامي عن تلك المشاهد السلبية بوجود هذا البديل، وأن هناك ما هو منافس حقيقي للفن الهابط، بالأصول المهنية الفنية بقوالبها المختلفة، ولكن في الوقت نفسه (إسلامي) أي: يقبله ويقرّه الإسلام، وفق رأي العلماء الموثوقين، كما يدركوا أن هناك ما يقبله ومالا يقبله الإسلام؛ ليكون الناس على بصيرة ووضوح.
كما أن علينا أن نقبل مصطلح "الفن الهادف" لنتدرج في تفعيل ما يخدم المسلمين في العمل الفني، خاصة لمن يدرك خطورة ما يحيط بأهل الفن اليوم من عقبات حكومية وكيانات مختلفة، ومن أصحاب مصالح متنوعة!
مصطلح "النشيد":
أما عن النشيد المنتشر اليوم فيكفي ذكره بهذه المصطلح، لشهرته ودلالته للمعنى المطلوب، من الالتزام بالكلمات الهادفة النافعة.
ومصطلح "النشيد الإسلامي" كان له مبرره عند انطلاقه في السبعينات الميلادية، لتمييزه عن "النشيد الديني" والذي كان مقصوراً في الأعم الأغلب على شعر الرقائق، والمدائح النبوية، التي قلَّ أن تخلو من الإطراء لشخص النبي صلى الله عليه وسلم أو بعض الصالحين، أو ذكر بعض البدعيات أو الشركيات –ولا حول ولا قوة إلا بالله-.
لذلك كان لتسميته: "النشيد الإسلامي" مسوغاً، خاصة أنه تغلغل في معترك الحياة، وصار له جمهوره ومحبوه، في حفلات الأعراس، ومناسبات الأعياد والأفراح، ووسائل التلفزة والمذياع.
وهذا السبب ربما يكون جواباً لمن يقول: إن المباح لا يحتاج إلى أسلمة. أي: لطالما أن النشيد في أصله مباح، فلماذا نؤسلمه وهو من الإسلام أصلاً؟ وهذا رأي وجيه من ناحية الأصل، ولكن ما جرى من ملابسات حول النشيد اقتضت إضافة إسلامي عليه.
وعلى العموم، فكما ذكرت آنفاً يبقى مسمّى "نشيد" كافياً لتوضيح المعنى المنشود.
المبحث الثاني: النشيد أصل أم بديل؟
يتناقل البعض هذا السؤال ويبنون على الإجابة عليه أصولاً شرعية مختلفة.
وفي رأيي أن كلا الأمرين صحيح. فالنشيد من ناحيةٍ هو أصل؛ لأن الشريعة دعت إليه، ورغبت فيه في عدّة مواطن. وتذكير الناس أنه أصل وهو من الشرع أمر في غاية الأهمية، وفي هذا نفع للمنشدين وتحفيز لدورهم، وتطمين لعامة الناس كي يتجهوا نحو ما يقرّبهم إلى ربهم، ويحفزهم إلى الإنجاز، ويُسَلّيهم في الوقت نفسه.
كما أن النشيد بديل كذلك أمام الموجات الشديدة التي غزت بيوت ومناسبات عامة المسلمين وللأسف، فهو جاء كبديل لقوم لم يتذوقوا طعم الأنشودة الإسلامية فترة طويلة من الزمن، ولم يتعوّدوا على امتزاج الكلمة الهادفة مع الألحان الجيدة الراقية.
ولعل رسالة الأنشودة في هذا الزمن أصبحت واضحة ومدوية، حيث أثرت في فكر ووجدان المسلمين على وجه العموم، لمشاركتها حياة الناس وألوان معيشتهم، مع اختلاف همومهم وقضاياهم، وخاصة مع الصعود المحمود للقنوات الفضائية النافعة، والاحتراف المهني المطلوب لبعض المنشدين مما فرضت وجودها في كل القنوات الهادفة وغير الهادفة. والحمد لله.
الأربعاء فبراير 11, 2015 7:42 pm من طرف عبدالله الكوهجي
» طريقه مضمونه عشان تزود منحتك
الأربعاء فبراير 11, 2015 6:48 pm من طرف عبدالله الكوهجي
» الحفل الختامي ﻷنشطة السكن للعام الدراسي 2009-2010
الأربعاء فبراير 11, 2015 6:31 pm من طرف عبدالله الكوهجي
» بين حب وخوف
الأربعاء فبراير 11, 2015 6:30 pm من طرف عبدالله الكوهجي
» تامين قبولات ماجستير في فرنسا (master.france@hotmail.com )
الجمعة نوفمبر 16, 2012 1:41 am من طرف ماستر فرنسا
» مجموعة كتب (سيرة الرسول ) صلى الله عليه و سلم
الأحد يناير 29, 2012 8:35 pm من طرف saloma fouad
» لكل شخص فقد الأمل ....منعوه فمشى فجراً
الأحد يناير 29, 2012 8:34 pm من طرف saloma fouad
» صليت نفس ماما
السبت يناير 21, 2012 10:03 pm من طرف saloma fouad
» هل تريد استمرار المنتدى ؟
السبت يناير 21, 2012 10:00 pm من طرف saloma fouad