:: حكم اتلاف المرافق العامة ::

بسم الله الرحمن الرحيم


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير نبي ارسل للعالمين وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد :
فعند اقتراب التخرج الجامعي، أحببت ان أكمل سعيي في نشر بحوثي الاكاديمية
ليستفيد منها الناس خير من ان تكدس بالجهاز، ولعلها تكون حجة لي يوم أن ألقاه .
واليوم أختار لكم بحثا ً بعنوان : حكم اتلاف المرافق العامة قد كلفت به في مقرر السياسة الشرعية قبل أكثر من عام .
ولله الحمد حصلت على الدرجة الكاملة فيه
وكان استاذنا فيه فضيلة الشيخ الدكتور :
علي الكندري حفظه الله ورعاه .


******




أما الآن اترككم مع تفاصيل البحث :





حكم


اتلاف المرافق العامة












اسم الطالب: سلمان دعيج حمد بوسعيد
اسم المقرر: السياسة الشرعية.
اسم مدرس المقرر: د . علي الكندري



******

المقدمة






الحمدلله حمدا لا ينفد افضل ماينبغي ان يحمد وصلى الله وسلم على افضل المصطفين محمد وعلى اله وصحبه ومن تعبد وبعد: فإن هذا مبحث بسيط وموجز في المرافق العامة وحكم اتلافها، مع الاشارة ان هذا البحث له تعلقا كبير في دور السياسة الشرعية فيه، لا سيما في انتشار عدم احترام القانون واوامر ولي الامر في هذا الزمان من بعض الناس وللاسف، وكذلك في حرمة هذه الاموال واتلافها، وخطر ذلك على مجتمعنا وعلى دولتنا، فهذا مادفعني في اختيار هذا الموضوع.
في موضوعنا هذا حصلت لنا بعض مشاكل، منها؛ قلة المصادر لاسيما المعاصرة التي تعرف المرافق العامة وربما ذلك لانه معروف للناس، وكذلك لم احصل على مصادر تتكلم عن هذا الموضوع لذاته ، ولكن بعد طول وقت حصلت على مراجع تفي بالغرض لا سيما عندما استشرت مدرس المادة وله الشكر بعد الله على اشارته لي لبعض المصادر التي نفعتني ونورتني من اجل الكتابة في هذا الموضوع الذي يعتبر معاصر وقلما نجد كتابا معاصر يتكلم فيه ويسهب فيه،و انما اغلب المصادر هي قديمة وتشير اليه اشارة لا تتكلم فيه لذاته وبصورة مستقلة. ومن اهم الفوائد التي استفدتها ان كثير من القوانين والمبادىء الادارية لاتختلف مع احكام الشريعة البتة بل جانب كبير منها هو مقرر في الفقه الاسلامي، او ربما مستنبط منه والحمدلله رب العالمين.
فأبدا بحثي مستعينا بالله ان يوفقني فيه وأقول:

الفصل الثاني: واقع استخدامها وحكم الانتفاع بها



واقع استخدام الناس لهذه المرافق:

ان استخدام الناس لهذه المرافق ينقسم الى قسم سلبي وقسم ايجابي ولكل قسم حكم خاص يترتب عليه:
1-الاستخدام السلبي: ان تستخدم هذه المرافق العامة المملوكة للدولة بطرق غير سليمة، او ان تستغل في حاجات خاصة،او تتعرض للاتلاف بطريقة او اخرى من قبل مستخدميها،مما يعرض الدول لخسران الاموال العامة،وهدرها، وخسران الناس الاستمتاع والاستفادة من هذه المرافق العامة.
2-الاستخدام الايجابي: ان تستخدم هذه المرافق بالطرق الشرعية،المتاحة لجميع الافراد؛بحيث يتم استغلالها استغلالا مشروعا،والاستفادة منها بطرق سليمة،من دون اتلاف ولا تخريب ولا تعريض الناس لخسرانها ،او الدولة لهدر مالها الذي انشئت منه.


حكم الانتفاع بها:
على الجميع ان ينتفع بهذه المرافق بجميع وجوه الانتفاع المهيئة لها بشرط عدم الاضرار بالاخرين في هذا الانتفاع.


فقيل في حلية العلماء: ( ويجوز الارتفاق بما بين العامر من الرحاب والشوارع الواسعة،فإن جلس في موضع كان احق به من غيره، فإن قام منه جاز لغيره ان يجلس فيه، فإن قعد وأطال القعود فيه ففيه وجهان: احدهما: انه يمنع، والثاني: انه لا يمنع)[1].
وايضا ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: (المسلمون شركاء في ثلاثة،الماء والكلاء والنار)[2]
فالمرافق العامة المهمة كالطرق والجسور والانهار الكبيرة والاراضي الموضوعة للاستفادة منها بالرعي والحصاد وغيره غير قابلة للتملك الفردي لان وقوعها في ذلك لايحقق الانتفاع فيها.
فقد قال مصطفى زرقا: اذا تعلقت الجماعة في الانتفاع بأشياء معينة فانه لايجوز ان تقع تحت التملك الفردي، وانما تحتجز اعيانها عن التداول وتباح منافعها[3].



________________________


[1] -حلية العلماء: (287)


[2] -صحيح الجامع الصغير /الالباني : (2/1138) وقال عنه صحيح/رواه احمد وابو دواد.


[3]-المدخل الى نظرية الالتزام في الفقه الاسلامي/مصطفى زرقا: 260


*****************

الفصل الثالث:انواع اتلافها مع الحكم والاثار المترتبة على اتلافها


المطلب الاول:انواع اتلاف المرافق العامة مع الحكم:
1- اتلاف بسيط: مثل الشدخ البسيط في جدران المستشفيات الذي لا يؤثر على المنظر بشكل كبير ولا على اساس المستشفى ومثل المشي على الزرع في الحدائق، فهذا لا يؤثر ولا يطلب منه دفع الضمان.
2- اتلاف جسيم: مثل حرق الزرع او تكسير الجدران، و تخريب السيارات التابعة للمستشفيات او اي مرافق اخرى؛ فهنا يجب تعويض الدولة على هذا التخريب او هذا الاتلاف، ولكن ان كان الاتلاف في حق المال الخاص وجب ضمانه له لا للدولة.
ملاحظة: قد يكون هناك اتلاف جسيم ولكنه لحاجة؛فهذا الشريعة تجيزه ولكن يجب دفع الضمان مثال ذلك : هدم الشجر او الحاط المملكوك المائل الى طريق عام دفعا للضرر العام على المسلمين، فهنا يباح هذا الهدم بإذن الحاكم ، وان لم يكن بإذن الحاكم فانه مضمون ، وكذلك بالنسبة للمال الخاص ان هدمت مثلا شجرة او جدار او نحوه اذا كان بإذن مالكها فلا ضمان ولكن ان كان بغير اذنه فعليه الضمان لما تقرر انه : (( الاضطرار لا يبطل حق غيره))[1].

ملاحظة: للامام ان يضع عقوبة تعزيرية تناسب من لا يحترم القانون ولا النظام العام للدولة، ومثال ذلك ان يقوم بتهديم او تخريب المرافق العامة ولا يقوم بالضمان فلامام حينئذ معاقبته لاسيما ان تكرر منه ذلك، وهذا الامر لا يخالف الشريعة لان فيه حفظ للاموال العامة،وردع للناس، وبسط الامن والامان في الدولة. والله أعلم.






المطلب الثاني:الاثار المترتبة على اتلافها:
1-خسارة الدولة الكثير من الاموال التي دفعتها لانشاء هذه المرافق العامة.
2-خسارة الناس الانتفاق بهذه المرافق العامة بسب اتلافها والاضرار بها.
3-خسارة الدولة او المال الخاص، الانتفاع بها حين ما تكون المرافق العامة متلفة وغير صالحة للاستخدام.
4-الاضرار العام والشكلي لهذه المرافق التي في الغالب تكون حيوية مثل الشوراع والطرق العامة، او المؤسسات او المسشفيات او الجامعات.
5-قد تطر الدولة الى مقاضاة من قام بالاتلاف بسبب عدم قيامه بدفع الضمان او التعويض.
6- ان الضرر البسيط، مع تكراره قد ييضطر بالدولة بأعادة البناء او الصباغة وغيره وذلك لتكرر الاتلاف البسيط بشكل كبير.
7-ان الاتلاف والاضرار بالمرافق العامة يؤدي الى الاتلاف بالمرافق الخاصة بالناس كالبيوت وغيره وخصوصا عند سكوت المجتمع بتفشي هذه الظاهرة.

اشارة بسيطة للاثار المترتبة على الاستخدام السليم:
تكون بذلك المرافق صالحة للاستخدام للجميع، وتنعم الدولة بالامن وجمال المظهر، وعدم الحاجة للقضاء وغيره، ويكون هناك راحة في القلب لاستخدام الناس لهذه المرافق وعدم الالتجاء للاماكن الاخرى كالمستشفيات الخاصة مثلا وتوفير هذا المال. وغيره من الاثار الجميلة المترتبة على المحافظة عليها.

















_______________________________________

[1]-نظرية الضمان في الفقه الاسلامي العام/محمد فوزي فيض الله: 198

الفصل الرابع: المحافظة على المرافق العامة


واجبنا بالمحافظة عليها:
يتلخص واجبنا بالمحافظة عليها نحن كأشخاص في المجتمع في الاستخدام السليم لها، وعدم انلافها، والمحافظة عليها من الضرر وتبليغ الجهات المختصة عند مشاهدة من يقوم بالاتلاف، وأيضا نصح من يقوم باتلافها بإن لا يتلفها ويحافظ عليها.
وايضا للامام وضع الاحكام والقوانين والشروط في الاستخدام لاسيما في الحدائق ونحوه لان هذه المرافق ملك لجميع ليس ملك لشخص معين واستخدامها ليس محصور بأشخاص معينين.
وايضا من الامور الواجبة الصيانة الدورية لها، فقد يكون هناك تلف بسيط لا يؤثر ولكن بسبب عدم صلاحيتها وقوتها تتأثر بالاتلاف البسيط الذي في الحقيقة لا اضرار فيه.



تعليم الناس المحافظة عليها:
وذلك عن طريق عدة مقترحات وتوصيات:
1-تشريع قوانين وانظمة تفي بغرض المحافظة عليها.
2-وضع توجيه وترغيب في المحافظة على المرافق العامة في مناهج وزارة التربية والتعليم.
3-التوجيهات والتوعيات العامة لجميع الناس سوءا عن طريق الاعلانات في الصحف او القنوات التلفزيونية، او اعلانات وتوجيهات في المرافق العامة نفسها. مثل البوشرات في المستشفيات.
4-تربية النشىء منذ الصغر على المحافظة عليها، وانها ملك للجميع، وانها امور مهمة.
5- المحافظة عليها يعتبر من احترام ولي الامر فتعليم الناس احترام ولاة الامور والقوانين الموضوعة في الدولة مطلب مهم جدا.
6-ان ذلك يعود الى مطلب شرعي وهي التربية السليمة منذ الصغر على المنهج الاسلامي المبارك.

الخاتمة



الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف المرسلين وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد: فقد علمنا من خلال هذا البحث الموجز الميسر ماهي المرافق العامة، وما هي انواعها، وطرق استخدام الناس لها وحكم الانتفاع بها، وانواع اتلافها واحكام ذلك، مع الاشارة الى الاثار المترتبة على الاتلاف السليم والخاطىء، وبيان طرق المحافظة عليها. وتوصلنا الى ان الاتلاف البسيط الذي لا يؤثر في الشكل العام بشكل كبير ولا يؤثر على جودة المرافق العامة لا اشكال فيه، بينما الاضرار الجسيم فيجب عليه الضمان والعقوبة ان كان ذلك جسيما. وأسأ ل الله العظيم ان ينفع بهذا البحث المتواضع .
ولا انسى ان اشكر فضيلة الشيخ الدكتور/ علي الكندري على اتاحته لنا البحث في هذه المسألة،وتوجيهه لنا في بعض المصادر ومساعدته لنا في وضع الخطة المناسبة.
هذا وان اصبت في بحثي فانه بتوفيق من الله، واخطأت فهو من هوى نفسي والشيطان واعوذ بالله من الشيطان الرجيم.





والحمدلله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على محمد خير الاولين والاخرين وعلى اله وصحبه والتابعين.







*************










المراجع







1-الملكية في الشرعية الاسلامية/عبدالسلام العبادي.
2-نظرية الضمان في الفقه الاسلامي العام/محمد فوزي فيض الله.
3-المدخل الى نظرية الالتزام في الفقه الاسلامي/مصطفى زرقا
3-حلية العلماء
4- مبادىء القانون الاداري/دسليمان الطماوي
5-صحيح الجامع الصغير للالباني/طبعة المكتب الاسلامي.
6-الحاوي للماوردي.