حمدي عبد العزيز
المنامة - إسلام أون لاين
أسفرت الانتخابات النيابية في مملكة البحرين عن تراجع في مستوى تمثيل القوى الإسلامية السنية (الإخوان والتيارات السلفية)، في مجلس النواب من 13 مقعداً في الفصل التشريعي السابق إلى 5 مقاعد فقط في الفصل التشريعي المقبل (2010- 2014م)، مما يخلق واقعاً جديداً يفرض على الإسلاميين التعاطي معه، عقب القيام بمراجعة شاملة لتجربتهم فيها.
ودخل الإسلاميون البحرينيون الجولة الثانية من الانتخابات التي أقيمت السبت 30 أكتوبر 2010 م، على خلفية معركة تكسير عظام بين القوتين الأكبر في الشارع السني، أدت إلى خسارة "المنبر الإسلامي" لثلاثة مرشحين في الجولة الأولى، فيما خسرت "الأصالة الإسلامية" أربعة مرشحين، ولم ينجح من الإسلاميين سوى اثنان من جمعية الأصالة أحدهما بالتزكية والآخر فاز على حساب مرشح منبري.
وفي الجولة الثانية دخل خمسة مرشحون من المنبر واثنان من الأصالة بينهما رئيسا الكتلتين النيابيتين في المجلس السابق، وأسفرت نتائجها عن فوز مرشحين اثنين من المنبر الإسلامي، هما النائب السابق الدكتور علي أحمد والمرشح الشاب محمد إسماعيل العمادي، فيما خرج أمين عام الجمعية الدكتور عبد اللطيف الشيخ أمام وافد جديد مدعوم من جمعية الأصالة الإسلامية. وفي المقابل فاز عن جمعية الأصالة الشيخ غانم البوعينين.
كلفـة باهظـة
ومن غير المعروف حتى الآن هل ستشكل الجمعيتان كتلة واحدة في المجلس المقبل؟ أم سيسعى كل طرف إلى استقطاب مرشحين قريبين منه فكرياً لتشكيل كتلة باسمه؟ والمؤكد أن ينضم لكتلة المنبر الإسلامي أحد المستقلين الفائزين في الجولة الثانية، وستحاول الجمعية اجتذاب مستقلين آخرين لزيادة عددها إلى خمسة أعضاء بمجلس النواب، أما الأصالة التي فاز لها ثلاثة أعضاء فإن خبرتها في استقطاب المستقلين أفضل نسبياً نظراً لأنها تضم تيارات متعددة ولا تعبر عن تنظيم واحد له معايير محددة لعضويته.
ويستبعد المراقبون خيار تشكيل الكتلة الموحدة، حيث إن نتائج الانتخابات أدت لفوز نحو 17 مستقلاً من اتجاهات ليبرالية واسلامية وإقتصادية، جميعهم موالون للحكومة، وسيكون بإمكانهم إيجاد التأثير المطلوب في المجلس دون الحاجة الملحة لقوى الموالاة الإسلامية، إضافة إلى أن مجريات العملية الانتخابية وتفاعلات العلاقة بين الجمعيتين في الجولة الثانية من الانتخابات أظهرت شكوكاً حادة في سلوك كل منهما تجاه الأخرى.
وقد استندت قوى ليبرالية ومنابر إعلامية إلى نتائج الانتخابات للترويج بأن نفوذ القوى الإسلامية إلى انحسار في الشارع السياسي، وهو أمر يجب التعامل معه بحذر إذ لا يكفي المؤشر الانتخابي وحده للحكم على القوة السياسية لأى طرف سياسي، فضلاً عن أن هذه القوى رسمت مصيرها بيدها لا بأيدي منافسيها وساهمت في إيصال عدد كبير من المستقلين إلى مجلس النواب.
ففي الوقت الذي ظل فيه قادة الجمعيتين يتحدثون بلغة متقاربة - إن لم تكن متطابقة - عن ضرورة خدمة الإسلام والمسلمين والحفاظ على مصلحة الوطن العليا ووجوب تهنئة الخاسر للفائز منهما بعد الإعلان عن نتائج التصويت، فإن كلفة فض التحالف الانتخابي بين الجمعيتين الإسلاميتين لم تسفر فقط عن إسقاط 11 مرشحاً لهما، وإنما كانت كاشفة لوجود رغبات في إقصاء كل طرف للطرف الآخر، وهو أمر ينبغي أن تتوقف عنده الجمعيتان ملياً للإجابة على التساؤل: لماذا ظل التحالف طوال ثماني سنوات كأوهن البيوت؟ ولماذا استجابت بعض القيادات لروح التعصب رغم أنها معروفة دائماً بلغة متسامحة ومتطابقة في آن؟.
أزمـة ثقـة
إن تجربة الانتخابات خلقت أزمة ثقة بين الطرفين، وصلت مداها إلى حد دعم المرشحين المستقلين في دوائر الطرف الآخر، وحضور حفلات الهجوم على هذه الجمعية الإسلامية أو تلك من هؤلاء المرشحين، وفق منطق "لم نأمر بها...."، وجلسوا يتفرجون على خطاب هجومي صارخ ضد الإسلاميين كما جاء على لسان أحد المرشحين المستقلين مثلا: " إن البعض استغل بساطة الناس عواطفهم من أجل تحقيق المآرب التي لم تخدم المجتمع لا في الحاضر ولا في المستقبل ... ومن يستخدم هذه الأساليب إنما هو بعيد عن أخلاقيات الإسلام والوطن والمواطنين. كيف لمن يروج الأكاذيب وينشر أعراض الناس على الإنترنت أن يدعي لنفسه بعد ذلك التصدي للأمراض الاجتماعية والفساد؟!".
وعموماً تكشف هذه الأزمة عن دلالات هامة: أولها: أن التحالف بين الجمعيتين لم يكن سوى لغرض موسمي، وليس تحالفا إستراتيجياً، وهو ما يفسر حدة الأزمة وفق منطق الفعل ورد الفعل دون النظر للتبعات، وكذلك عدم القدرة على خلق أسس واضحة له يمكن الرجوع إليها لتفسير سلوكيات أى طرف منها ومعرفة مدى ملاءمته لمصلحة الدين والوطن، التي أصبحت شعار خطاب كل جمعية، ومنها: التنسيق مع التيارات الشيعية والليبرالية، إذ من المفارقة أن السلفيين يبدون براجماتية أكبر في هذا الخصوص فيما يرفضها الإخوان ويتشككون في نوايا الطرف الآخر.
الثاني: أن ملف التحالف اختصت به قيادة كل جمعية، أو بالأحرى شخصيات محددة من المنبر والأصالة، مما يعني ببساطة أن العمل المشترك لم يكن سلوكاً يومياً، تتعرف خلاله القواعد بالخطوات التي تمت والإجراءات التي تتخذ ويستمد العون منها في التعامل مع أى مشكلات طارئة، من جهة، وخلق أكثر من قناة اتصال بين الطرفين بما يزيد من تعميق الجسور بينهما من جهة أخرى، وهي أمور لم تحدث على أرض الواقع حيث تكشف الوقائع عن سيادة منطق التعصب والشعور بالقوة وعدم الحاجة للجمعية الأخرى بين القواعد، حيث تعمل القواعد في جزر منعزلة ويثبت أحدها ولاءه للتيار الذي ينتمى إليه بمدى النقد الذي يوجهه للتيار الآخر ورفض العمل المشترك معه!.
فقبل شهور قليلة على الانتخابات شهدت البحرين مؤتمرين دوليين عن العمل الخيري أحدهما لجمعية الإصلاح (إخوان) والآخر لجمعية التربية الإسلامية (سلفيون)، وخلال الموسم الانتخابي كادت الاختلافات السياسية تتحول إلى خلاف عقائدي، حيث اعتاد المرشحون السلفيون استضافة بعض الرموز السلفية من مصر ودول عربية أخرى يرفضون الانتخابات بالأساس ولكنهم يجمعون على وجود ما يسمونه (أخطاء عقدية) لدى الإخوان المسلمين.
ملفـات المراجعـة
وكشفت مصادر داخل جمعية المنبر الإسلامي لمراسل إسلام أون لاين عن أن الجمعية بصدد إجراء مراجعة شاملة لملف الانتخابات عموماً والتحالف مع جمعية الأصالة الإسلامية خصوصاً دون أن تعلن عن محاور وقضايا هذا الملف الشائك، فيما لم يتضح حتى الآن هل ستقوم جمعية الأصالة بإجراء مماثل أم لا؟ وهذا ما يعكس مبدئياً "مرونة" المنبر الإسلامي، وقدرته على المواجهة، والتي توصف بأنها الرغبة في التكيف مع التحديات والبحث عن إستعادة التوازن من جديد عندما يتعرض التوازن القديم للتحدي أو التدمير.
وإذا أراد الطرفان إجراء مراجعة ذاتية فإنها لا تتطلب فقط البحث عن فشل التحالف الانتخابي ومآل العلاقة مع الطرف الآخر، بل تستدعي أيضاً فتح الملفات التالية:
- العلاقة مع القوى السياسية: ويقصد بها الجمعيات الأخرى الوطنية الليبرالية أو الدينية، السنية والشيعية، حيث لا تتجاوز هذه العلاقة نمط التعصب الذي يلقي بظلاله على الشارع السياسي أو نمط البراجماتية السياسية التي تضر أكثر مما تنفع وتعمق فجوة الثقة بين الفاعلين السياسيين.
- العلاقة مع المجتمع: سادت في أوساط الناخبين مقولة "ما سووا لنا شي"، وهي الرسالة التي فسرتها الجمعيات الإسلامية بأن الشارع السياسي ما زال بحاجة إلى التوعية بشأن دور مجلس النواب الرقابي والتشريعي أما الدور الخدمي فيتعلق بالأساس بالمجالس البلدية. وفي المقابل كان تفسير رجل الشارع العادي لها بأن قوى (الموالاة) الإسلامية تحقق مكاسب لأعضائها فقط، وتزامن مع ذلك دعايات من بعض المنابر الإعلامية والسياسية الليبرالية التي تتهم الإسلاميين بالطائفية وتعطيل الديمقراطية وهو ما قوبل بصمت غير مبرر، طال أمده، وربما أتى أكله في انتخابات 2010م.
- تجنيد النخبة وتجديدها: اختارت الجمعيات الإسلامية كوادر سياسية ربما تراها الأنسب والأكفأ، ولكن نتائج عملية التصويت أكدت أن الأكفأ لا يصل دائماً وأن هناك معايير أخرى لدى الشارع السياسي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، وهو ما يتطلب مراجعة اختيار الكوادر السياسية في إطار ما يعرف بتجنيد وتجديد النخب السياسية، بالتزامن مع إعادة التواصل مع المواطن، كسلوك يومي، وتقديم الخدمات له دون النظر لمعتقده أو توجهه السياسي.
إن المراجعة الناجحة لا تتطلب شجاعة فقط في النقد الذاتي والإعتراف بالأخطاء؛ وإنما تتطلب أيضاً الجلوس على مائدة حوار مشتركة مع القوة الإسلامية الأخرى، وهو ما يطرح السؤال التالي: هل يستطيع إسلاميو البحرين عبور أزمة الثقة التي خلقتها انتخابات 2010م، والتعاطي مع الواقع الجديد الذي أفرزته حتى لا تستبقهم حركة الشارع السياسي؟.
إن ذلك يشترط التوقف عن المنافسة المحمومة في الشارعين السياسي والاجتماعي وإرسال رسائل طمأنة متبادلة بينهما، وكذلك العمل المشترك على المستويين القيادي والقاعدي، ولو على أهداف بسيطة.
الأربعاء فبراير 11, 2015 7:42 pm من طرف عبدالله الكوهجي
» طريقه مضمونه عشان تزود منحتك
الأربعاء فبراير 11, 2015 6:48 pm من طرف عبدالله الكوهجي
» الحفل الختامي ﻷنشطة السكن للعام الدراسي 2009-2010
الأربعاء فبراير 11, 2015 6:31 pm من طرف عبدالله الكوهجي
» بين حب وخوف
الأربعاء فبراير 11, 2015 6:30 pm من طرف عبدالله الكوهجي
» تامين قبولات ماجستير في فرنسا (master.france@hotmail.com )
الجمعة نوفمبر 16, 2012 1:41 am من طرف ماستر فرنسا
» مجموعة كتب (سيرة الرسول ) صلى الله عليه و سلم
الأحد يناير 29, 2012 8:35 pm من طرف saloma fouad
» لكل شخص فقد الأمل ....منعوه فمشى فجراً
الأحد يناير 29, 2012 8:34 pm من طرف saloma fouad
» صليت نفس ماما
السبت يناير 21, 2012 10:03 pm من طرف saloma fouad
» هل تريد استمرار المنتدى ؟
السبت يناير 21, 2012 10:00 pm من طرف saloma fouad